صدر مؤخرا عن دار سويد للنشر بسوريا، وتوزيع دار ميتافيرس برس للنشر والطباعة والتوزيع بالشارقة، الجزء الأول والثاني من كتاب «سَفِينَة الْمُلْك ونَفِيسَة الْفُلْك»، للمؤلف شهاب الدين محمد بن إسماعيل بن عمر، ومن تحقيق وشر ودراسة الأستاذ محمد بري العواني، ومراجعة وتدقيق محمّد شريف سلمون.
تأتي أهمِّيةُ كتابِ “سَفِينَة الْمُلْك ونَفِيسَة الْفُلْك” من صدورِهِ مُحَقَّقاً في زَمَنٍ تراجعَتْ معه حركةُ التَّحقيقِ للمخطوطاتِ التي تُعنى بالتّراثِ الموسيقيِّ العربيِّ، واحتوائِه بينَ دفّتي جزئيهِ إرثاً عريقاً مِنْ ذلكَ التّراثِ لظاهرةٍ متفرّدةٍ في الإبداعِ العربيِّ بعامّةٍ والأندلسيِّ بخاصّةٍ، والمتمثّلةٍ بفنِّ (الموشّح) وما يتّصِلُ به من فنون النّغم والإيقاع.

إنَّهُ وجبةُ عَسَلٍ صِرْفٍ، جَدَّ مؤلِّفُه في قَطْفِ رحيقِ الترّاثِ الشّعريِّ العَربيِّ؛ ليُقَدِّمَهُ سائِغاً فَيَهنَأَ القارئُ من خلالِ تَعَرُّفِهِ تراثاً موسيقيّاً عربيّاً يمثّلُ في مضمونِهِ حضارةً إنسانيّةً موغلةً في القِدمِ، ثمّ إنّه يُغني الباحثَ عن الرُّجوعِ إلى العَديدِ مِنَ المصادرِ لتحصيلِ معلومةٍ قدْ تَصِلُهُ مُشوَّشَةً، ولاسيَّما إذا كانَ ممّن يشغلُهُمْ تأصيلُ فنِّ (الموشّح).
جاءَ كلّ هذا الجهد مُعتَّقَاً بصبرِ الباحثِ، مركَّزَاً بسَويَّةٍ عاليةٍ من الدّرايةِ الثّقافيَّةِ لِمُحَقِّقٍ، يَظْهَرُ من عملِهِ أنَّهُ قد أمضى شطراً مِنْ عُمرِهِ حاضِناً لآلةٍ موسيقيَّةٍ يُمَرِّرُ وَتَرَ قوسِهِ على أوتارها؛ فَيُفَجِّرَ خمرةً لا تلذَعُ اللسانَ، إنَّما تَنْسَلُّ من دونِ استئذانٍ إلى سراديبِ الجَنانِ!.