المنارة: أبوظبي
صدر كتاب «هواجس شجرة نسيتها الريح» للكاتبة الأردنية انتصار عباس ضمن سلسلة «إبداعات عربية» التي أطلقتها دائرة الثقافة في الشارقة لعام 2025.
يتميز الكتاب بطابعه الأدبي الراقي الذي يتماشى مع هوية السلسلة، والتي تهدف إلى تقديم أعمال أدبية عربية تتسم بالجرأة اللغوية والعمق الوجداني.
يعزز هذا الإصدار حضور القصة القصيرة جداً في المشهد الثقافي العربي، ويقدم نصوصاً جديدة تفتح آفاقاً للنقد الأدبي والبحث عن الإبداع والتجديد.
ضمت المجموعة 95 مشهداً قصصياً التقطتها عن مشاهد الحياة اليومية، من بينها: شجرة الجوز، ظل الماء، خيالات حلم، وكانت أمي، هلوسة، وشاية، تراتيل نهر، أصابع تائهة، تقاسيم الغياب، العرافة الغيرى، صيرورة، عودة، ذاكرة حياة، رؤى، تكة.. تكة، حيرة، وساوس قلب، ما كان بيننا، لوحة، نسيان، شغف، يمام، رقص، عالمي، رقصة ريح وغيرها من النصوص التي حافظت فيها عباس على تقنية تكثيف المعنى واللغة الشعرية.
رحلة تأملية عميقة
ورغم أن المجموعة تنتمي شكلاً إلى حقل القصة القصيرة جداً، إلا أنها في جوهرها رحلة تأملية عميقة في الطبقات الداخلية للذات، رحلة تتخذ من الطبيعة سنداً رمزياً، ومن الشجرة على نحو خاص مرآة أنثوية تعكس هشاشة الإنسان، ورغبته في العناق والنجاة، فالشجرة هنا كيان محمل بالرمزية يتدفق منه معنى الأمومة والرعاية والخصوبة، وتلوذ به امرأة تهرب من أثقال العالم لتبحث في جذورها عن توازن مفقود، وتبدو الشجرة في كثير من المقاطع في المجموعة، كأنها رفيقة الروح التي تنصت للبوح، وكأنها عقل ثان للمرأة وامتدادها الحسي والروحي.
الصراع الداخلي في الكتابة القصيرة
وتقوم هذه المجموعة للكاتبة على عدد من الثنائيات الوجودية، التي تعد من أهم محددات الصراع الداخلي في الكتابة القصيرة المكثفة: الشوق والغياب، الذات والآخر، الثبات والزوال، الحضور والظل، إلا أن الخيط الأكبر الذي تسعى الكاتبة إلى نسجه هو الحب بوصفه المعنى الأصلي، والجوهر الأول والمنقذ الأخير من فوضى الأيام واغتراب الروح، فالحب في نصوص عباس شريعة إنسانية خلق الله البشر عليها، وجعل بينهم المحبة عبادة خالدة لا ترتبط بزمن ولا مكان، هذا الإيمان العميق بإنسانية الحب ينعكس في معظم النصوص، فيتحول الحب من حالة شخصية إلى طاقة فطرية تعيد للذات تماسكها وقدرتها على الاحتمال..






