المنارة: متابعات
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا بخطى تفوق خيال الإنسان، جاءت مبادرة إنسانية من قلب قاعة صفٍّ لبنانية لتعيد التوازن بين التقنية والخيال، وبين المعرفة والمشاعر.
فقد أطلقت المعلمة اللبنانية زينب فقيه مشروعًا تربويًا استثنائيًا، استخدمت فيه أدوات الذكاء الاصطناعي لتحويل أحلام تلاميذها إلى صور واقعية، تُجسّد طموحاتهم المستقبلية بكل ما تحمله من براءة وأمل.
من دفتر الحلم إلى لوحة رقمية نابضة بالحياة
بدأت الفكرة ببساطة، عندما طلبت المعلمة من طلابها أن يكتب كلٌّ منهم المهنة التي يتمنى أن يمتهنها يومًا ما — طبيبًا، مهندسًا، طيارًا، فنانًا، أو مصممًا. ثم أخذت تلك الكلمات الصغيرة المليئة بالأمنيات، وأدخلتها إلى أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتوليد الصور، فكانت النتيجة مدهشة:
صور رقمية تنبض بالحياة، يظهر فيها كل طفل مرتديًا زيّ مهنته المستقبلية، يعيش حلمه كما لو تحقق للتوّ.
مشهد الطلاب وهم يشاهدون صورهم لأول مرة كان لحظة لا تُنسى — وجوههم أشرقت بالدهشة، وأعينهم امتلأت بالفخر، وكأنهم لمسوا المستقبل بأيديهم الصغيرة.
التكنولوجيا في خدمة الإلهام
انتشرت صور المشروع بسرعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وانهالت التعليقات التي تشيد بالفكرة المبتكرة. رأى كثيرون أن هذه المبادرة البسيطة في فكرتها، العميقة في أثرها، تُجسّد الوجه الإنساني للتكنولوجيا حين تُستخدم بإبداع ووعي.
قال أحد أولياء الأمور: “المعلمة لم تُعلّم أطفالنا فقط معنى الحلم، بل جعلتهم يرونه رأي العين. لقد منحتهم ثقةً بأن كل ما يتمنّونه يمكن أن يتحقق يوماً.”
آخرون وصفوا المشروع بأنه نموذج للتعليم المُلهم، حيث تُوظّف أدوات العصر الرقمي لتغذية الخيال وتحفيز الطموح بدلاً من الاكتفاء بالكتب والمقررات.
في وقتٍ تتزايد فيه المخاوف من أن تحل التكنولوجيا محل الإنسان، جاءت مبادرة زينب فقيه لتؤكد العكس:فالذكاء الاصطناعي لا يُلغِي دور المعلّم، بل يُعيد إليه جوهره الأصيل — أن يكون مرشدًا ومُلهمًا وصانعًا للدهشة.
تقول المعلمة في إحدى تدويناتها على مواقع التواصل:
“لم أستخدم الذكاء الاصطناعي لتعليم الأطفال، بل لاستخدام خيالهم. أردت أن أُريهم أن التكنولوجيا ليست آلة جامدة، بل وسيلة لتحقيق أحلامنا حين نؤمن بها.”
درس أبعد من التعليم
لم تكن المبادرة مجرد نشاطٍ مدرسي، بل كانت رحلة لاكتشاف الذات.
كل طفل رأى في صورته المستقبلية وعدًا خفيًا بالقدرة والاحتمال، ورأى في عيون معلمته إيمانًا صادقًا بموهبته.
بهذه الخطوة الصغيرة، أعادت المعلمة تعريف معنى التعليم: ليس مجرد تلقين، بل بناء للخيال، وإشعال لشرارة الأمل في عقول الجيل القادم.
من قلب مدرسة لبنانية بسيطة، انطلقت رسالة عالمية تقول: إن التكنولوجيا حين تلتقي بالإنسانية، تولّد فنًا، وإلهامًا، ومستقبلاً أجمل.
مشروع زينب فقيه ليس مجرد مبادرة تربوية، بل دعوة لأن نحلم بذكاء، ونُعلّم بشغف، ونصنع الأمل بصورة واحدة في كل مرة.
عرض هذا المنشور على Instagram






