المنارة / الرياض
يحتضن المتحف الوطني السعودي حتى 16 ديسمبر معرضًا استثنائيًا بعنوان «حكايات مسكوكة: إرث السعودية في العملات»، يسلّط الضوء على الدور التاريخي والثقافي للعملات الإسلامية باعتبارها وثائق حيّة تحفظ تفاصيل العصور المختلفة.
يقول الدكتور ألان بارون، مؤسس دار Numismatica Genevensis SA وأحد القائمين على المعرض: “هذا المعرض يبرز قوة العملات الإسلامية والرسائل التي تنقلها للمجتمع. فهي أكثر المصادر التاريخية اكتمالًا، إذ تحمل أسماء وزراء وشخصيات تاريخية ربما لم نكن لنعرفها لولا ما خُطّ على تلك المسكوكات.”
كما أوضح بارون أن المعرض يضم أكبر مجموعة من العملات التي سُكّت على أرض السعودية، في مكة والمدينة، والتي جُمعت عبر عقود في أوروبا وأمريكا، وتُعرض اليوم بهذا الحجم لأول مرة أمام الجمهور.

كما يروي المعرض، الذي شارك في تنسيقه الدكتور نايف الشرعان المتخصص في تاريخ النقود الإسلامية، تطور العملة من العصور ما قبل الإسلام وصولًا إلى الريال السعودي الحديث، موثّقًا التحولات الفنية والاقتصادية والسياسية. وقد صُممت سينوغرافيا العرض من قبل Studio Ghaith&Jad وفنانة الغرافيك فرح فياض، لتجسّد مختلف المراحل التاريخية بأسلوب بصري متنوع.
بينما يضم المعرض سبعة أقسام رئيسية، تبدأ بـ “العملات ما قبل الإسلام” التي تعكس رموزًا مرتبطة بالتجارة والسلطة. ثم قسم “ميلاد العملات الإسلامية والعملات في الدول الإسلامية” الذي يبرز وحدة الحضارة الإسلامية وتنوعها.
ويقول المصمم جاد ملكي من Studio Ghaith&Jad: “أردنا أن نخلق لكل مرحلة تجربة مختلفة. فالقسم الأول جاء بأجواء قاتمة وإضاءة خافتة، فيما حمل قسم ميلاد الحضارة الإسلامية فضاءات مضيئة تعكس روح التنوير.”

كما يتوقف المعرض عند “النساء في العملات”، حيث تُعرض أسماء ملكات وشخصيات نسائية بارزة مثل الملكة زبيدة بنت جعفر، التي ساهمت في إنشاء درب زبيدة لخدمة حجاج بيت الله الحرام.
أما قسم “كنوز وعملات السعودية”، فيستعرض مسيرة توحيد المملكة وبناء الدولة الحديثة، من خلال عملات ضُربت في مكة والمدينة، مرفقة بعناصر تصميمية تستحضر الطابع العمراني والجغرافي للمكان.
فيما يرى بارون أن العملات تمثل “آخر الشواهد المتبقية” على مراحل مبكرة من التاريخ الإسلامي، قائلًا: “المخطوطات القرآنية والأعمال الفنية من تلك الفترات نادرة للغاية، بينما تبقى العملات شاهدًا حيًا على ذلك الإرث الغني.”
من خلال المزج بين القطع التاريخية والعرض الفني الحديث، يتيح المعرض للزوار إعادة اكتشاف العملات ليس فقط كوسائل تبادل مالي، بل كـ حامل للهوية الثقافية والسياسية والفنية عبر العصور.