المنارة: أبوظبي
صدر حديثا عن مركز أبوظبي للغة العربية، كتاب «المقدّس في الشعر الجاهلي – دراسة موضوعاتية» للباحث عبد الله البرادي، وذلك ضمن سلسلة «البصائر للبحوث والدراسات».
ويرصد المؤلف في كتابه، موضوع “المقدّس”، بوصفه أحد أهم الموضوعات التي تؤثر في سيرورة حياة الإنسان وتفاصيلها، وبحثه داخل المجال الإبداعي، وتحديداً في شعر العصر الجاهلي، الذي يتميز بانتمائه إلى بيئة تعددية، ذات أفكار متنوعة، ومعتقدات مختلفة، والذي أوجد فضاء خصباً لقراءة نصية قيّمة، خاصة مع وفرة الأشعار التي تعتمد الواقعية والصدق في التعبير عن الحياة، والبيئة، والتساؤلات الإنسانية، ومع ما اتصف به الشاعر في العصر الجاهلي من مكانة مرموقة في المجتمع، اعتُبر خلالها لسان حال القبيلة وحكيمها.
المقدسات التي تجلّت في ذلك الشعر
وقد استدعى تناول القداسة في الكتاب، الوقوف على أبرز المقدسات التي تجلّت في ذلك الشعر، من خلال شعر التبجيل والاحترام الشديدين، لبعض الأشياء، أو الأماكن، أو المفاهيم التي اعتبرها الجاهليون ذات قيمة خاصة أو مقدّسة، وانعكس هذا التقديس في صور متعدّدة في الشعر الجاهلي، سواء أكان ذلك في وصف الطبيعة، كوصف الأطلال، والجبال، والوديان، والأشجار، والأمطار، أو في تصوير الأماكن، مثل مكّة، والأسواق، والآبار، أو في أشعار تشير إلى المعتقدات و(الآلهة)، أو الانبهار بحركة الكواكب والشمس والقمر والنجوم، وحتى وصف القبور وأسئلة الحياة والموت، إذ كان الشاعر الجاهلي يحيط هذه الأماكن بهالة من القداسة، ويعدُّها فضاءات مقدّسة.
التجربة الإبداعية
وأظهر المؤلف التأثير الذي أحدثه المقدّس في التجربة الإبداعية لدى الشاعر العربي في العصر الجاهلي، والتي تناول علاقة الإنسان بالمقدّس، إذ حظيت هذه العلاقة بتفاصيل مهمة، خاصة بما يتعلق منها بارتباط الشاعر الجاهلي بالتقديس، ومنطلقات ذلك الارتباط، موضحا جماليات المقدّس في الشعر الجاهلي، بوصفها مفاهيم متغلغلة في الحياة العربية قبل ظهور الإسلام، إذ شكّلت -آنذاك- أيقونة لها تأثير خاص في تلك المجتمعات.