المنارة: متابعات
صدر مؤخرًا عن دار نوفل – هاشيت أنطوان الجزء الثالث والأخير من سيرة الكاتب محمود شقير بعنوان «هامش أخير». يأتي هذا العمل ليكمل الجزأين السابقين من سيرته الذاتية «تلك الأزمنة» و«تلك الأمكنة»، حيث يسلط الضوء على ما كان ناقصًا في السرد السابق.
وفي تقديمه للكتاب، أوضح شقير رؤيته وأهدافه من الكتابة، مشيرًا إلى أنه يكتب لشعبه الذي يعاني منذ عقود طويلة من الاحتلال والظلم، وللدفاع عن قيم الحرية، الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية. كما يعبر عن إيمانه العميق بدور الكتابة في تمجيد الحياة والإنسانية، ومواجهة عسف الطغاة.
يتميز الكتاب بأسلوبه السلس ولغته الواضحة التي تمزج بين الإمتاع والتأمل، حيث يكشف الكاتب عن ذاته بجرأة وصدق بعيدًا عن أي أقنعة. كما أن العناوين القصيرة التي تشكل فصول الكتاب تضيف تنوعًا إلى السرد وتتيح للقارئ الغوص في تفاصيل حياة الكاتب وتجربته بأسلوب مشوق ومباشر.
تحضر القدس كثيمةٍ رئيسيةٍ في الكتاب، وكمدينةٍ صاغت شخصية الكاتب، وكجزء من مادّة شقير الأدبية، وجزءٍ من روحه ووعيه. ويُضيء بعجالةٍ على وضعها الحضاري قبل النكبة وأحوالها الثقافيّة، ثم تحوّلها مع توالي النكسات.

هذه السيرة تلويحات وفاءٍ لأسماءٍ أدبيّة وأصدقاء مرّوا في حياة الكاتب وهم كثُر، واحتفاءٌ وتقديرٌ للمرأة وأدوارها في المجتمع، وذكرٌ لمدنٍ وأمكنةٍ زارها داخل فلسطين وخارجها، كبيروت ودمشق، الجزائر، بلغاريا، إسطنبول، براغ… وفي آخر الكتاب ملحقٌ فيه معايدة لكتّابٍ بعيد ميلاد الكاتب الثمانين، وشهادات في كتابته.
تبدو السيرة كأنها تأريخ ثقافيّ وسياسيّ وتاريخيّ لمرحلة مهمة منذ أربعينيات القرن الماضي وحتى اليوم.
في الجزء الأول من تلك السيرة، يرصد شقير: تنقّله من مدينة إلى أخرى، التحاقه بالسياسة، أبناؤه وفرحة الأحفاد. يضيء على تفاصيل حياته ومنعطفاتها، ببساطته الممتنعة المعهودة، فنرى خلف التفاصيل الصورة الأكبر، صورة الديناميات الثقافية الفلسطينية والعربية والتحدّيات السياسية والاجتماعية. يتلو شقير قصّته، ولكن، كالعادة، نقرأ من خلفها قصّة المدينة وأهلها.
وفي الجزء الثاني «تلك الأزمنة» يستعيد شقير التفاصيل وهو على عتبة الثمانين. يبدأ من طفولته في القدس، ويُسهِب في الحديث عن فترة النِضالَين الحزبي والوطني، كما يفرد مساحة أوسع للتجارب الشخصية، والعلاقات مع بقية زملائه من الكتاب والمناضلين الفلسطينيين.
يذكر أن محمود شقير – كاتب فلسطيني. يكتب القصّة والرواية للكبار والفتيان. أصدر خمسة وثمانين كتاباً، وكتب ستّة مسلسلات تلفزيونيّة طويلة وأربع مسرحيّات.
تُرجمت بعض كتبه إلى اثنتي عشرة لغة من بينها الإنجليزيّة والفرنسيّة والإيطاليّة والسويديّة والفارسيّة والتركيّة. حاز جوائز عديدة، من بينها جائزة محمود درويش للحرّية والإبداع (2011)، جائزة القدس للثقافة والإبداع (2015)، جائزة دولة فلسطين في الآداب (2019)، جائزة الشرف من اتحاد الكتّاب الأتراك (2023)، وجائزة فلسطين العالمية للآداب (2023).
تنقّلَ بين بيروت وعمّان وبراغ، ويقيم حاليّاً في القدس.






