المنارة: متابعات
في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث وتزداد الضغوط اليومية، يجد الكثيرون أنفسهم أسرى لعقول لا تهدأ، تفكر في كل شيء وتعيد تحليل كل موقف حتى بعد انتهائه. هذا هو ما يُعرف بفرط التفكير، تلك الحالة التي تُرهق الذهن وتستنزف الطاقة النفسية، لتتحول إلى عبء يعيق التركيز والراحة.
التفكير الزائد لا يعني بالضرورة الذكاء أو العمق، بل في كثير من الأحيان يكون انعكاسًا للقلق والرغبة في السيطرة على كل التفاصيل. فالعقل المبالغ في التفكير يعيش في صراع دائم بين الماضي والمستقبل، متجاهلًا الحاضر الذي تجري فيه الحياة بالفعل.
العقل يبحث عن الأمان
يقول علماء النفس إن فرط التفكير هو محاولة من العقل لحماية صاحبه من الخطر أو الفشل، لكنه في الوقت نفسه يصبح مصدر الخطر الأكبر، لأنه يضخم الاحتمالات ويزرع الخوف من اتخاذ القرار، ومع تكرار ذلك، يفقد الإنسان قدرته على الاسترخاء والتفاعل العفوي مع المواقف.
خطوات لاستعادة الهدوء الذهني
التخلص من هذه الحالة لا يأتي بالتجاهل، بل بتدريب العقل على التوازن والهدوء.
فيما يلي بعض الممارسات التي تساعد على تهدئة العقل وإيقاف دوامة التفكير:
-
المراقبة من بعيد: لاحظ أفكارك دون أن تحكم عليها أو تغوص فيها، وكأنك تشاهد فيلمًا لا تشارك في أحداثه.
-
التنفس الواعي: خذ لحظات من الصمت والتنفس العميق كلما شعرت بتيار من الأفكار المتلاحقة.
-
الكتابة اليومية: تفريغ الأفكار على الورق يخفف من ضغطها ويمنحك منظورًا أوضح.
-
النشاط الجسدي: المشي أو ممارسة أي نوع من الرياضة البسيطة يخلق توازنًا طبيعيًا بين الجسد والعقل.
-
التركيز على اللحظة: عش الحاضر بتفاصيله، واستمتع بما بين يديك دون التفكير في الخطوة التالية.
هدوء داخلي لا يُقدّر بثمن
العقل الهادئ لا يعني عقلًا خاليًا بل عقلًا يعرف متى يتوقف، فالتوازن النفسي يبدأ من لحظة وعيك بأنك لست أفكارك، وأن بإمكانك اختيار ما يستحق أن تمنحه انتباهك.






