الدكتورة دانة الحموي: أكلات شعبية تراثية و صحية

محمد عطيفي

تفوح رائحة المأكولات الشعبية والتراثية بعبق الماضي الأصيل، فتأخذنا بنكهاتها الفريدة إلى أيام الخوالي، حيث البساطة والدفء وذكريات العائلة حول الموائد العامرة. هذه الأطباق لم تكن مجرد طعام يشبع البطون، بل إرثاً يحمل بين مكوناته فوائد غذائية جمّة تجعلها حتى اليوم ذات مكانة خاصة على موائدنا.

ورغم دخول أصناف حديثة إلى مطابخنا وسيطرتها على عاداتنا الغذائية اليومية، إلا أن بعض العائلات العريقة لا تزال تحافظ على حضور هذه الأكلات، مثل التبولة، المجدرة، الحراق باصبعو، وخبز الرقاق، وتحرص على تقديمها بين الحين والآخر، وفاءً للذاكرة وإيماناً بقيمتها الصحية. وقد أوصى أجدادنا دوماً بالاعتماد على الطعام الطبيعي منذ الطفولة، لضمان حياة طويلة وصحية.

خبز الرقاق الإماراتي.. خفيف وصحي

لنبدأ من الإمارات، حيث يحتل خبز الرقاق مكانة مميزة على المائدة. هذا الخبز البسيط واللذيذ، خاصة إذا حُضّر من طحين البر، يُعد وجبة صحية سهلة الهضم. ويُعتبر بديلاً مناسباً لخبز الحبوب الكاملة، ويمكن تناوله في وجبة الفطور أو العشاء. وعند إضافة اللبن الرايب إليه يصبح طبقاً متكاملاً يزوّد الجسم بالبروتين، الكالسيوم، البكتيريا النافعة والطاقة، إلى جانب كونه خفيفاً على المعدة.

التبولة الشامية.. سلطة الفيتامينات

أما التبولة من بلاد الشام، فهي طبق مقبلات غني بالنكهات والفوائد. مكوناتها من البقدونس، الطماطم، البصل، والبرغل تمنح الجسم جرعة عالية من الفيتامينات، خاصة فيتامين “سي”، إلى جانب المعادن ومضادات الأكسدة. واليوم، يُستبدل البرغل أحياناً بالكينوا، لما توفره من ألياف وبروتين وطاقة، فضلاً عن خلوها من الغلوتين، ما يجعلها خياراً صحياً عصرياً.

الكُشري المصري.. وجبة متكاملة

ومن مصر، يبرز الكُشري كأشهر الأطباق الشعبية وأكثرها التصاقاً بالذاكرة المصرية. يجمع الكشري بين العدس، الأرز، المعكرونة والحمص، ليكون مصدراً غنياً بالبروتين، الألياف والطاقة. كما أنه يعد خياراً ممتازاً للنباتيين، إذ يمدّهم بالبروتين والحديد، فضلاً عن كونه وجبة مثالية في فترات الصيام لدى المسيحيين.

الحراق باصبعو السوري.. بروتين كامل بلا لحم

في سوريا، نجد طبق الحراق باصبعو الذي يزيّن الموائد بطعمه اللاذع الحامض. وما يميزه ليس نكهته فقط، بل قيمته الغذائية الكبيرة، إذ يوفّر مزيج العدس والحبوب والمعكرونة بروتيناً كاملاً يعادل البروتين الحيواني، ما يجعله وجبة مثالية للنباتيين إلى جانب كونه مقبلاً شهياً في المناسبات الاجتماعية.

البرغل بالدفين.. طعام الساحل المميز

ومن الأطباق الساحلية في بلاد الشام، يبرز البرغل بالدفين أو البرغل بالحمص، الذي يشتهر بطعمه المميز وقيمته العالية. فهو مصدر غني بالطاقة، البروتين والألياف، ما يجعله وجبة مشبعة وصحية.

طبق الحبوب.. دفء الشتاء

ولا يمكن أن نغفل طبق الحبوب الذي ارتبط بأيام الشتاء الباردة. هذا الطبق يجمع بين البروتين الكامل، فيتامينات “ب”، المعادن والألياف الغذائية، ليمنح الجسم الدفء والطاقة. كما أن احتواءه على اليانسون يساهم في تعزيز المناعة، مما يجعله خياراً غذائياً وصحياً بامتياز.

المغلي.. حلاوة الولادة

وأخيراً، يظل المغلي من أبرز الأطباق التراثية المرتبطة بالمناسبات الاجتماعية، خاصة مناسبات الولادة. يتكون من الكراوية، المكسرات، ومبشور جوز الهند، ويُقدَّم ساخناً في سوريا وبارداً في لبنان. وهو طبق غني بالمغذيات الضرورية، خصوصاً للمرأة المرضع، إذ يمدّها بالطاقة والعناصر الأساسية.

إن هذه الأكلات الشعبية ليست مجرد وصفات قديمة تتوارثها الأجيال، بل هي “كنوز غذائية” تحمل بين طياتها الفوائد الصحية والقيمة الغذائية العالية. فهي تعكس أصالة الماضي، وتؤكد أن العودة إلى الموروث الغذائي التقليدي هي في الوقت نفسه عودة إلى الصحة والتوازن.

الدكتورة دانة الحموي

إجازة دكتور في الطب البشري من جامعة دمشق
ماجستير العلوم الطبية في التغذية البشرية و الحميات من إنكلترا من جامعة شيفيلد
عضو في الجمعية البريطانية للتغذية
عضو في الجمعية الأمريكية لأمراض السمنة
حائزة على جائزة الاختصاصي المتميز من سلطة مدينة دبي الطبية
تسعى دائماً لنشر ثقافة الأنظمة الغذائية الصحيحة من خلال تقديمها لنصائح و استشارات غذائية في مجال الصحة
والتغذية في التلفزيون
و في مواقع التواصل الاجتماعي و في عيادتها في دبي

Email: dr.dana4diet@gmail.com
Twitter @drdanaHamwi
Instagram@DrDanaHamwi
Facebook:
https://www.facebook.com/groups/dr.dana4diet/
website: www.drdanahamwi.com

شارك هذه المقالة