الحسن البصري.. حكاية إمام مسلم أبوه مسيحي

عادل حسين

البصري حضر الجمعةَ مع الخليفة الثالث عثمان بن عفان، وسمعه يخطب، بل شهد يوم استشهاده يوم تسلل عليه قتلته، وكان عمره 14 سنة فقط.

يقول عنه علماء عاصروه ومنهم الإمام محمد بن سعد، إنه كان “جامعًا، عالِمًا، عاليًا، رفيعًا، فقيهًا، ثقةً، مأمونًا، عابدًا، ناسكًا، كبير العلم، فصيحًا، جميلًا وسيمًا”.

الحسن البصري

قال الشيوخ المتقدمون إن كلام البصري أشبه بكلام الأنبياء، وأقربهم هديًا بالصحابة. قالوا عنه أيضا أنه كان غاية في الفصاحة، تتصبب الحكمة من فمه. كان كذلك كثير الحزن، حيث قال عنه أحد أصحابه “ما رأيت أحدًا أطول حزنا من الحسن، ما رأيته إلا حسبته حديث عهد بمصيبة”.

أما من حيث الشكل، فيقال إنه كان قوي الزند عظيم الهيبة حسن الصورة بهي الطلعة. كذلك كان من الشجعان الموصوفين في الحروب، حيث اشترك في فتح “كابول”، وهي المعركة التي قادها عبد الرحمن بن سمرة العبشمي، الذي استعمله عبد الله بن عامر على (سجستان) سنة 31 هجريًا.

فسار إليها على رأس جيش حتى بلغ (زرنخ) فحاصرها، فصالحه حكامها، كما سار حتى بلغ (كابول) فحاصرها أشهرًا، وكان يرميهم بالمنجنيق، حتى ثلم سورها ثلمة عظيمة، وخرج أهلهم يقاتلون المسلمين، فقاتلهم المسلمون حتى دخلوا المدينة عنوة بعد هزيمة أهلها وناسها.

البصري عاش الجزء الأكبر من حياته في دولة بني أمية، وكان موقفه متحفظًا على الأحداث السياسية، وخاصة ما جرّ إلى الفتنة وسفك الدماء.

حيث لم يخرج مع أي ثورة مسلحة ولو كانت باسم الإسلام، وكان يرى أن الخروج يؤدي إلى الفوضى والاضطراب، لكنه في الوقت نفسه كان ينصح الحاكم بالعدل والورع وتطبيق أحكام الله، وعدم إغضابه.

في زمن الخليفة عمر بن عبدالعزيز تولى البصري قضاء البصرة، وكان لا يأخذ على قضائه أجرًا. علاقته بالخليفة بن عبدالعزيز كانت قوية، فقد كتب له وقت توليه ناصحًا “إن الدنيا دار مُخيفةإنما أُهبط آدم من الجنة إليها عقوبة، واعلَمْ أن صرعتها ليست كالصرعة، من أكرمها يُهَنْ، ولها في كل حين قتيل، فكن فيها يا أمير المؤمنين كالمداوي جرحَه؛ يصبِرُ على شدة الدواء؛ خيفةَ طول البلاء”. ويقال إن عبدالعزيز كان يسمع له ولنصائحه جيداً.

كانت وفاة الإمام الحسن في البصرة، حيث مات عن 88 سنة، وكانت جنازته مشهودة، صلى عليه المسلمون عقب صلاة الجمعة. مرقده يحتوي على قبره وكذلك قبر الإمام ابن سيرين مفسر الأحلام الكبير والشهير في التاريخ الإسلامي.

شارك هذه المقالة