في كل مرة نذكر اسم صنع الله إبراهيم، نشعر وكأننا نستدعي تاريخًا من الجرأة والمواقف التي لا تتلون. هو ليس مجرد روائي مصري، بل شاهد عصر، و”كاتب شهادة” كما يحب أن يصف نفسه. كتب أدبًا مختلفًا، لا يهادن، ولا يساوم، بل يواجه الواقع كما هو، بمرّه وقسوته، بلا رتوش.

مسيرة صنع الله إبراهيم
ولد صنع الله إبراهيم في القاهرة عام 1937، وعاش سنوات شبابه في فترة كانت مصر فيها تمور بالأحداث السياسية. انتمى في بداياته إلى الحركة اليسارية، فدفع ثمن ذلك سجنًا وتجربة قاسية امتدت خمس سنوات، لكنها كانت بداية طريقه الحقيقي مع الكتابة. السجن بالنسبة له لم يكن نهاية، بل معملًا لصياغة رؤية نقدية للعالم، رؤية ظلّت ترافقه في كل رواياته.
من يقرأ أعماله يلاحظ فورًا أن اللغة عنده ليست مجرد أداة، بل سلاح. في “اللجنة” مثلًا، يضع القارئ في مواجهة البيروقراطية والسلطة المطلقة، وفي “شرف” يكشف قسوة السجون المصرية من الداخل، وفي “وردة” يطارد خيوط ثورة ظلت حلمًا في ذاكرة العرب. حتى عندما يكتب عن الهزيمة، كما في “تلك الرائحة”، فهو لا يبكي على الأطلال، بل يكشف الجرح كي يظل مفتوحًا، فلا ينساه أحد.

رفضه جائزة الدولة التقديرية
موقفه الشهير عام 2003، عندما رفض استلام جائزة ملتقى الرواية العربية بسبب اعتراضه على سياسات الحكومة المصرية آنذاك، يختصر شخصية الروائي صنع الله إبراهيم: رجل يرى أن الكلمة لا تكتمل إلا بالفعل، وأن الكاتب إذا فقد ضميره، فقد كل شيء.
كما نعى وزير الثقافة المصري الكاتب صنع الله إبراهيم، حيث أعلن الوزير أحمد فؤاد هنو أن برحيل الروائي، الذي عابر أحد أعمدة السرد العربي المعاصر، فقدت مصر أحد أهم الأصوات الروائية التي وثّقت تحولات المجتمع والسياسة في العالم العربي”، معتبراً وفاته خسارة كبرى للمشهد الأدبي.






