المنارة: متابعات
أعلنت الأكاديمية السويدية عن فوز الكاتب والروائي المجري لاسلو كراسناهوركاي بجائزة نوبل للآداب لعام 2025، وذلك تكريمًا لمجمل أعماله الروائية التي تميزت بدمجها بين العمق الفلسفي والخيال الأدبي. ويُعد هذا الإنجاز تأكيدًا لمكانته كواحد من أبرز الأصوات الأدبية في أوروبا المعاصرة.
الجدير بالذكر أن كراسناهوركاي كان قد حصد جائزة مان بوكر الدولية عام 2015 عن روايته الشهيرة “ميلانخوليا المقاومة” (The Melancholy of Resistance)، التي حظيت بإشادة واسعة من النقاد في الأوساط الأدبية العالمية، مما يعكس إسهاماته الكبيرة في إثراء الأدب العالمي.
من هو الكاتب لاسلو كراسناهوركاي؟
ولد لاسلو كراسناهوركاي عام 1954 في بلدة جولا الصغيرة الواقعة جنوب شرق المجر، بالقرب من الحدود الرومانية. شكلت منطقة ريفية نائية مماثلة مسرحًا لأولى رواياته، “تانغو الشيطان” (Sátántangó) التي صدرت عام 1985 (وصدرت ترجمتها الإنجليزية عام 2012).
حققت الرواية ضجة أدبية كبيرة في المجر وكانت بمثابة العمل الذي أطلق شهرة الكاتب، والتي تصور، بأسلوب مؤثر وموحٍ للغاية، مجموعة من السكان المعدمين في مزرعة جماعية مهجورة بالريف المجري قبيل سقوط الشيوعية.
يسود الصمت والترقب المشهد، حتى يظهر فجأة إريمياس الكاريزمي ورفيقه بترينا، اللذان كان الجميع يعتقد أنهما ماتا. يبدو الاثنان للقاطنين المنتظرين بمثابة رسل أمل أو نذير يوم القيامة.
يتمثل العنصر “الشيطاني” الذي يشير إليه عنوان الكتاب في أخلاقهم المنحطة وفي ادعاءات المحتال إريمياس التي، على الرغم من فعاليتها، لا تترك الجميع تقريبًا إلا في حيرة وارتباك.
ينتظر الجميع في الرواية حدوث معجزة، وهو أمل يتم دحضه من البداية عبر الاقتباس الكافكاوي الذي تتصدر به الرواية: “في هذه الحالة، سأفوت الأمر بانتظاره”. وقد تم تحويل الرواية إلى فيلم أصلي ومميز عام 1994 بالتعاون مع المخرج بيلا تار.
“سيد الرؤى المروعة”
لم يمض وقت طويل حتى وصفت الناقدة الأمريكية سوزان سونتاج كراسناهوركاي بأنه “سيد الرؤى المروعة” في الأدب المعاصر، وهو حكم توصلت إليه بعد قراءة كتاب الكاتب الثاني “كآبة المقاومة” (Az ellenállás melankóliája) الذي صدر عام 1989 (وصدرت ترجمته الإنجليزية عام 1998).
وفي هذه الرواية، التي تدور أحداثها في بلدة مجرية صغيرة تقع في وادي الكاربات، تتصاعد حدة الدراما إلى أقصاها في صورة فانتازيا رعب محمومة. منذ الصفحة الأولى، نجد أنفسنا – ومعنا السيدة بفلوم الجافة الطبع – ندخل في حالة طوارئ محيرة ومربكة.
تنتشر النذر المشؤومة، ويتمحور التسلسل الدرامي للأحداث حول وصول سيرك شبحي إلى المدينة، جاذبه الرئيسي هو جثة حوت عملاق. هذا المشهد الغامض والمهدد يطلق العنان لقوى قصوى، مما يحفز انتشار العنف والتخريب. وفي غضون ذلك، يخلق عجز الجيش عن منع الفوضى إمكانية وقوع انقلاب ديكتاتوري.
يصور لاسلو كراسناهوركاي ببراعة الصراع الوحشي بين النظام والفوضى، مستخدمًا مشاهد أشبه بالأحلام وتوصيفات كاريكاتورية وشاذة للشخصيات. إنه صراع لا يستطيع أحد أن يفلت من آثار روعه.
في رواية “حرب وحرب” (Háború és háború) الصادرة عام 1999 (وترجمتها الإنجليزية عام 2006)، يحول كراسناهوركاي انتباهه إلى ما وراء حدود وطنه المجري. يسمح الكاتب للأرشيفي المتواضع كورين بأن يقرر، كآخر فعل في حياته، السفر من ضواحي بودابست إلى نيويورك ليأخذ مكانه للحظة في “مركز العالم”.